کد مطلب:240937 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:146

البخل یمزق العرض
روی المجلسی طاب ثراه من كلمات الرضا علیه السلام: «البخل یمزق العرض». [1] .

بقدر ما یمزق البخل عرض البخیل، و یشوه كرامته، یصون الجود كرامة الجواد، و كما أن البخل كاشف عن عیوب البخیل لأنه إذا بخل عن المال الدنیوی فهو فی كسب الفضائل المثمرة فی الدارین أبخل فتكثر رذائله و عیوبه، و البخل دلیل علیها، كذلك الجود سائر إن كان للجواد زلات و عیوب، إذا الجود من الفضائل یستدل به علی سائرها كما أن البخل رذیلة دال علی أخواتها و یخدش كل فضیلة له لو كانت؛ و الدلیل علی أن الشی ء بالشی ء ملحق: «أن الشر بالشر ملحق»، [2] و كذلك الخیر یدعو إلی الخیر و أوضح شاهد علیه قوله تعالی: «ثم كان عاقبة الذین أسئوا السوأی أن كذبوا بأیت الله»، [3] أی قد أعقبت الإساءة تكذیب الآیات كلها.

البخل و الشح، و البخیل و الشحیح، و روایات أهل البیت علیهم السلام، و كلمات الأدباء المثلیة.

من الروایات فی البخل و الشح:

النبوی: «البخیل حقا: من ذكرت عنده فلم یصل علی». [4] .

و الآخر: «و إنما البخیل حق البخیل: الذی یمنع الزكاة المفروضة من ماله، و مینع البائنة فی قومه، و هو فی ما سوی ذلك یبذر»، [5] و فی الحدیث «هل أبنت كل واحد منهم مثل الذی أبنت هذا» أی هل أعطیتهم مثله مالا تبینه به أی تفرده، و الاسم البائنة. [6] .



[ صفحه 186]



و منها الصادقی روایة الفضیل بن عیاض: «أتدری ن الشحیح؟ فقلت: هو البخیل؟ فقال: الشحیح أشد من البخیل، إن البخیل یبخل بما فی یدیه، و إن الشحیح یشح بما فی أیدی الناس و علی ما فی یدیه حتی لایری فی أیدی الناس شیئا إلا تمنی أن یكون له بالحل و الحرام، و لایشبع، و لایقنع بما رزقه الله تعالی» [7] و الآخر: «البخیل من بخل بالسلام». [8] .

و منها الرضوی: «لیس لبخیل راحة...». [9] .

و الآخر: «إیاكم و البخل فإنها عاهة لاتكون فی حر...». [10] .

«شر أخلاق الرجال البخل»، «البخیل أبدا ذلیل»، «لا مروءة للبخیل»، «ما أفلح بخیل قط؛ أما سمعت قول الله تعالی: «و من یوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون»، [11] «البخل بالموجود من سوء الظن بالمعبود»، «الجبن و البخل غریزة واحدة یجمعهما سوء الظن بالله»، «البخل یهدم مبانی الكرم»، «بشر مال البخیل بحادث أووراث»، «أبخل الناس أجودهم بعرضه» [12] .

- أقول فصیانة العرض بالجود و إلا فكما قال الرضا علیه السلام: «البخل یمزق العرض» -.



و غیظ البخیل علی من یجو

دأعجب عندی من بخله [13] .



و فی وصف البخیل قالت العرب:

سواء هو و العدم، سواء غناه و الفقر، ما تبل إحدی یدیه الأخری، لاتندی صفاته، و لایبض [14] حجره، و لایثمر شجره، یمنع دره و در غیره. المولدون:

لا تسقط من كفه خردلة. سائله محروم، و ماله مكتوم. لایحین إنفاقه، و لایحل



[ صفحه 187]



خناقه. خبزه كآوی یسمع بها و لاتری، غناه فقر، و مطبخه قفر. یملأ بطنه و الجار جائع، و یحفظ ماله و العرض ضائع، قد أطاع سلطان البخل بجهده، و انخرط كیف شاء فی سلكه، سمین المال مهزول النوال، عظیم الرواق صغیر الاخلاق. یصون فلسه و یبذل نفسه، لایحلب إلا من ضرع بكی، [15] و لایسقی إلا من أنضب ركی، [16] فلان قد جعل میزانه و كلیه، و ضرسه أكیله، و كیسه أنیسه، و خبزه جلیسه، و رغیفه ألیفه، و مأكوله حلیفه، و دیناره شقیقه، و درهمه رفیقه، و یمیینه أمینه، و مفتاحه دفینه، و صنادیقه صدیقه، و خاتمه خادمه [17] .

و علاج البخل:

البذل هو العلاج و هل المحبوب فی الشرع و عند العقل هو الإیثار و لو كان بالمؤثر خصاصة كما قال تعالی:

«و یؤثرون علی أنفسهم و لو كان بهم خصاصة و من یوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون»، [18] و هذا دلیل علی علاج البخل و الشح الذی هو أشد منه حیث عقب تعالی الإیثار بوقایة شح النفس الموجبة للفلاح، و فیه حث بالغ علیه و جاء فی تفسیر الآیة إیثار أمیرالمؤمنین علیه السلام فی حدیث الضیف «یا ابنة محمد نومی الصبیة واطفی المصباح...»، [19] أو الإنفاق الوسط؟ و یشهد له قوله عزوجل: «و لاتجعل یدك مغلولة إلی عنقك و لاتبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا»، [20] قصة إعطاء الرسول - صلی الله علیه و آله - قمیصه للسائل و نزول الآیة الآمرة بالوسط [21] .



[ صفحه 188]




[1] البحار 357:78.

[2] النهج 41:18، كتاب 69.

[3] الروم: 10.

[4] معاني الأخبار 246.

[5] المصدر ص 245.

[6] نهاية ابن الأثير 175:1، في (بين).

[7] معاني الأخبار 245.

[8] المصدر.

[9] التحف 450، البحار 345:78.

[10] البحار 346:78 و فيه «و لامؤمن، إنها خلاف الإيمان».

[11] الحشر: 9.

[12] التمثيل و المحاضرة 440.

[13] المصدر.

[14] و لايبيض و هو خطأ. و بض الماء: سال قليلا قليلا أي لا يرجي خير. هامش التمثيل و المحاضرة 441.

[15] البكي: الكثير البكاء و هنا كثير اللبن أي لايحلب من ضرع كثير اللبن و بمعني القليل و يحتمل اللفظ «إلا من ضرع بكي» أي قليل اللبن.

[16] الركي: البئر.

[17] التمثيل و المحاضر 442.

[18] الحشر: 9.

[19] تفسير الصافي 684:2.

[20] الاسراء: 29.

[21] تفسير الصافي 967:1.